تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > الدكتور هاني أبو العلا > افتتاح "المتحف الكبير" حدث ينتظرنا وننتظره

افتتاح "المتحف الكبير" حدث ينتظرنا وننتظره

أعلن دولة رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي، أنه سيتم افتتاح المتحف المصري الكبير، في الثالث من يوليو 2025، هذا المتحف، الذي تم تشييده على مساحة 117 فدان، وتم اختيار موقعه بعبقرية جغرافية،  بإطلالة على أهرامات الجيزة، كتحفة معمارية وأثرية فريدة، ليكون أكبر المتاحف مساحة في العالم،

بوصفه أكبر متحف يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة وحدها ، ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية متنوعة تؤصل للحضارة المصرية، كما يشمل عرض لمقتنيات الملك توت عنغ آمون بشكل كامل لأول مرة منذ اكتشافها منذ ما يزيد عن المئة عام.

وقد وضع حجر الأساس للمتحف المصري الكبير، الفنان فاروق حسني في فبراير من العام 2002 (الذي كان وزير للثقافة آنذاك)، بقصد جذب ما لا يقل عن 6 ملايين سائح في العام الواحد، حيث شارك نحو 300 خبير، من معمارين واستشاريين محليين ودوليين، في صياغة ورسم ملامح هذا المشروع الفريد، الذي يجسد عبقرية التصميم والابتكار الحضاري.

ومن المنتظر أن يلقى تنظيم افتتاح المتحف كأحد الأحداث العملاقة في مدينة القاهرة، عاصمة التاريخ وأرض العبقريات، زخماً غير عادي، يشارك فيه عدد كبير من الخبراء والمخططين والجهات ذات الشأن، ويشعر به كل أفراد المجتمع، ما من شأنه أن يظل عالقاً في ذاكرة التاريخ، شأنه شأن جل الأحداث التاريخية العظمى. 
 

 وهنا يجب أن نكتب بالأحرف الكبيرة وبالحبر القاتم "كيف نُسَوِق لهذا الحدث العملاق" وكيف يمكننا الاستفادة القصوى من التسويق لتاريخ حضارتنا في عالم تحاول كثير من الدول فيه أن تشتري تاريخاً يؤصل ولو لحضارات قزمية مقارنة بالحضارة المصرية، كي تستثمر في العروض المتحفية، التي تشمل قطعاً آثارية أغلبها مستوردة. 

 ومن المؤكد إن الإعداد لهذا الحدث العملاق يرتبط به العديد من المجالات، فعلى المستوى الدبلوماسي، مثلت الأحداث دائما أداةً تسويقية قوية تسهم في تنمية وتقوية العلاقات الدولية، بل خصصت لها بعض الحكومات ميزانيات كبيرة، إذ تكون فرصة لدعوة السفارات والهيئات الأجنبية للاشتراك في تنظيم الأحداث، ووضع آليات التسويق لها بكل الطرق والأساليب المبتكرة، كلٌ فيما يرتبط ولو بالقدر القليل بثقافات بلدانه، تحت ضوابط مقننة، بهدف تقوية العلاقات الدبلوماسية من ناحية، وتنشيط حركات السياحة مع هذه البلدان من ناحية أخرى.

 ولا يمكن انكار دور مثل هذه الأحداث في دعم التنمية التجارية ، وصياغة خطط الاتصال مع البلدان في الخارج في كثير من الأحيان، فهي لا ترمي للعروض الثقافية فحسب، بل إن بإمكانها استهداف فرص رائدة للترويج للسياحة التجارية في العديد من الدول الأجنبية، ما يكون بمقدوره تنمية الأعمال التجارية وتطويرها والتآزر بين القطاعين العام والخاص، لإحداث نمو اقتصادي وجذب تدفقات من النقد الأجنبي.


 وفي هذا السياق، فإذا استعرضنا بعض التجارب الناجحة في استثمار الأحداث الكبرى في دول العالم، نجد أولمبياد لندن، لعام 2012 من الشواهد على ذلك، حيث تم إنفاق ما يعادل 2.1 مليار جنيه إسترليني للترويج لهذا الحدث، وتطوير وصيانة البنية التحتية، ما كان نتيجته أن شهدت لندن زيادة في السياحة بنسبة 5%، وارتفعت عائدات السياحة خلال العامين التاليين لتصل إلى نحو 2.1 مليار جنيه إسترليني، وقد  ساهمت الفعاليات (التي اشترك في تنظيمها العديد من القطاعات) في جذب الاستثمارات، حيث تم تسجيل أكثر من 3000 شركة جديدة في لندن خلال العام الذي تلى الأولمبياد.

كما يعتبر مونديال كأس العالم في روسيا في عام 2018 أحد التجارب الناجحة، الذي تكلف حوالي 14.2 مليار دولار، وأعقبه ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 20% خلال فترة البطولة، وبلغ عدد الزوار أكثر من 3.5 مليون، كما بلغت  بلغت الاستثمارات في المشاريع المتعلقة بكأس العالم أكثر من 700 مليون دولار في تحسين البنية التحتية، ما أدى إلى خلق فرص عمل جديدة.

أعقب ذلك  أولمبياد طوكيو 2020، الذي استثمرت فيه اليابان أكثر من 15 مليار دولار في التجهيز للألعاب الأولمبية، وعلى الرغم من تنفيذ الأولمبياد بدون جمهور، إلا إنه أدى إلى زيادة الاستثمارات في التكنولوجيا اليابانية، كما شهدت المنتجات اليابانية زيادة في الطلب بعد هذا الحدث.

 وهناك أمثلة عربية، مثل: معرض إكسبو 2020 في دبي، الذي  استثمرت دبي في استضافته (عام 2021)  أكثر من 7 مليارات دولار، وقد جذب أكثر من 24 مليون زائر خلال فترة انعقاده، مما ساهم في انتعاش السياحة والاقتصاد المحلي بشكل كبير.

و معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يعتبر من أكبر المعارض في المنطقة، ويستقطب ملايين الزوار والمشاركين الدوليين، وقد سجل في عام 2021 حضور أكثر من 1.5 مليون زائر، مما يعكس الاهتمام الثقافي. وتعزيز العلاقات بين دول مختلفة، وزيادة مبيعات الكتب، التي وصلت إلى حوالي 30 مليون دولار خلال المعرض.

 وتظهر الأمثلة السابقة كيف أن الاستفادة من الأحداث الكبرى يمكن أن تثمر استثمارات كبيرة وعلاقات تجارية وثقافية تعود بالنفع على الدول.

وهنا لابد من وقفة تتضافر فيها الجهود والأفكار لدعم مثل هذا الحدث العملاق، بحيث يتم جذب أكبر عدد من السياح والاستثمارات إلى مصر.

وهنا لدي أطروحة أرجو أن تلقى إهتمام القارئ الكريم، وصانعي القرار، فماذا لو استثمرنا ليس فقط في القاهرة موضع الحدث، لكن في الكثير من المواضع في صعيد مصر ودلتاها، موضع الحضارات والقطع الأثرية، الموجودة بالمتحف؟

وماذا لو تم تنظيم رحلات سياحية ممنهجة في عدة أيام حول موعد افتتاح المتحف، في محاكاة لبعض الأحداث الأثرية، التي تحكيها القطع الأثرية؟

وماذا لو تم اعداد أحداث خادمة في تلك المواقع، مثل مباريات لكرة القدم يحضرها مشاهير، أمثلة اللاعب محمد صلاح وغيره، أو ورش عمل في بعض الجامعات يحضرها علماء أمثال الدكتور مجدي يعقوب وغيره؟
ماذا لو؟ .. وماذا لو؟
وفي الجعبة الكثير، لكن ما لا يمكن أن يصدقه عقل ألا تجني مصر العديد من الاستثمارات عقب افتتاح المتحف المصري الكبير.
                                                     حفظ الله مصر.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية